قم بمشاركة المقال
أكد عضو برنامج الأمان الأسري الوطني الباحث الاجتماعي عبدالرحمن القراش أن التحرش في حقيقته سلوك سيئ، يُنبي عن شخصية غير سوية لدى القائم به؛ إذ لا يملك ضميرًا حيًّا يستشعر فداحة فعله، وهذا يعني أن المسألة لا تقف عند حدود التحرش، بل إنه يعني غياب الرادع الذي ينهاه؛ فيخلق منه شخصية جنائية، من الممكن أن تقوم بأفعال شائنة في حال تأكده من عدم وجود عواقب وخيمة.
وفي التفاصيل، قال "القراش" في حديثه لـ"سبق" بعد أن بدأت الجهات الأمنية في السعودية إعلان أسماء المقبوض عليهم بتهم التحرش في بياناتها الصحفية: إن ما يميز التحرش عن باقي جرائم الاعتداء على النفس أن مرتكبه لا يقصد به إشباع نزوة ملحة، أو إيذاءً بدنيًّا لضحيته، بل الأهم من ذلك هو تعريضها للإهانة والتحقير في محاولته لفرض سيطرته، والشعور ولو لوهلة بقوته أمام ضعفها.
اقرأ أيضاً
وأضاف: كما أنه في الوقت نفسه لا يعبِّر عن انحراف مرتكبه فقط، بل عن تقصير بالغ لدى المسؤولين عن التربية الأولى في المنزل والمدرسة، فضلاً عن عدم نشر الوعي الكافي بخطورة هذا الأمر من خلال القوانين الصارمة والرادعة ذات الفاعلية التي تكون إصلاحية، تساهم في خفض هذه الجريمة.
وأردف بالقول: بما أننا نعيش في بلد يقدر أفراده (العرف الاجتماعي) فإن التشهير من أقوى العقوبات التي يمكن أن تؤثر بالإيجابية عند تطبيقها في حق الجاني، لكن في الوقت نفسه ربما يكون لها تبعات ليس على المتحرش فحسب، بل قد تطول مستقبله وأسرته وعمله ووظيفته، والمكان الذي يعيش فيه، وآثاره السلبية لن تكون سهلة اجتماعيًّا.
اقرأ أيضاً
وتابع: نحن لا نبحث عن عذر للجاني ليتم التخفيف عنه، بل نطالب بعقوبة رادعة له وقاسية عليه، ولكن قبل فرض (قانون التشهير) يجب أن تسبقه حملة توعوية كبيرة، يقودها التعليم والإعلام والجهات ذات العلاقة، التي تساهم في التعريف بخطر التحرش وعواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع، إضافة إلى أن يكون (التشهير آخر الحلول)؛ فيتم تفعيله في حال تكرر هذا الفعل من الجاني، ويكون التوضيح بالعقوبة واضحًا (للجنسين) على حد سواء، ولا تُطبَّق إلا في حال وُجدت القرائن؛ لكي لا يُتخذ هذا القانون ضد أحد؛ فأحيانا يكون الابتزاز سبيل أحد الطرفين لتصفية الحسابات.
اقرأ أيضاً
وأشار إلى أنه من المهم أن يدرك الجميع أن مخالفة الأخلاق والذوق العام تنعكس نتائجها السلبية على المجتمع، وفي حال فرض قوانين تأديبية يجب أن تكون (إصلاحية)، تساهم في التقويم، وتعديل السلوك، لا العقوبة فقط؛ لكي لا نخلق جيلاً تكون العقوبات التي لحقت ببعض أفراده وصمة عار، تكبر اجتماعيًّا مع مرور الزمن.
وتابع: كما لا نغفل عن إيجاد حلول صحية ونفسية وسلوكية للضحية، يتم من خلالها معالجة الآثار السلبية التي وقعت عليها؛ لأن العقوبة التي تقع على الجاني لن تكون كافية لمحو الآثار التي خلفها، وخصوصًا الجوانب النفسية.
وأكد ضرورة وجود برامج تأهيلية للضحية، تساهم في رفع هذا الضرر، ودمجها مع المجتمع بشكل جيد؛ لتقطع الطريق في المستقبل أمام الدعوات الفردية للانتقام الشخصي، أو الانطواء، والانكفاء على الذات هربًا من عيون الناس التي لا ترحم.